مشروع السلسلة: بين السياسة والاقتصاد طارت حقوق العمال والعاملات

Wed, 04/30/2014

يبدو ان سلسلة الرتب والرواتب الجديدة، التي اشبعت ارقام نفقاتها وايراداتها درساً وتمحيصاً واعادة تحديد، على مدى اكثر من عامين، والتي تنقلت بين اللجان، واخضعت للتعليقات والمزايدات السياسية، طارت الى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، ان لم تدفن نهائياً على الاقل في شكلها الحالي، وذلك بعد ان نجح تقاطع جديد للمصالح، ربط تكتل "التغيير والاصلاح" وتيار "المستقبل" في قذفها مدة 15 يوماً، فتلقفها رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، وركلها الى العهد الجديد.
في التفاصيل، طغت المصالح الاقتصادية المشتركة، للمرة الاولى منذ امد، على الانقسامات السياسية في لبنان، فاعادت ترتيب التحالفات على نحو ادى الى طرح اقتراح بتأجيل البحث في موضوع السلسلة، وبتشكيل لجنة جديدة لدراسة المشروع، اقتراح نال موافقة من اكثرية 65 نائباً مكونة من فريق 14 اذار، وتكتل التغيير والإصلاح والحزب التقدمي الاشتراكي، ومعارضة 27 نائباً من فريق 8 اذار. وقد تولى رئيس كتلة المستقبل، فؤاد السنيورة، مهمة نسف المشروع المقترح من خلال التهويل من اضراره الماليّة والاقتصادية والنَقدية، قائلاً ان اعتماد المشروع سيؤدي الى تراجع النمو، ازدياد حجم العجز في الموازنة وفي ميزان الفائض الأولي، والى مزيد من الاختلال في ميزان المدفوعات. واقترح السنيورة ان يتم خفض أرقام السلسلة من ما مجموعه 2450 مليار ليرة الى نحو 1650 مليار ليرة، اي الى ذلك الرقم الذي حددته الحكومة السابقة، مطالباً برفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12%، ومشدداً على ادخال اجراءات اصلاحية اقرت في مؤتمر باريس 3 للجهات المانحة.
والجدير ذكره، ان الهيئات الاقتصادية ثارت ثائرتها، بدعم من البنك المركزي والمؤسسات الدولية، وحذرت هي ايضاً من عواقب اقرار المشروع، مؤكدة ان ذلك لن يلقى دعماً من المؤسسات النقدية والمالية الدولية.
في هذا السياق، كان ملفتاً موقفا تكتل التغيير والإصلاح والحزب الاشتراكي، اللذين كانا مؤيدين لمشروع السلسلة، وخصوصاً التحول المفاجىء لتكتل التغيير، وذلك على الرغم من ان النائب ابراهيم كنعان، كان رئيس اللجنة النيابية الفرعية التي كلفت دراسة مشروع السلسة الاصلي.
وهكذا دارت المسرحية التي افضت الى التضحية بمشروع السلسلة الجديدة، الذي كان من شأن اقراره اعادة الاعتبار لمشروعي الدولة والمواطنة، والى القائه في المجهول، بحجة اولوية معركة الانتخابات الرئاسية.
في شكل موازي، قام المجلس بتمرير عدد من الملفات المطلبية المتراكمة، بشكل فاحت منه رائحة الزبائنية، ولو على خلفية قضايا محقة، ومنها اقرار تثبيت متطوعي الدفاع المدني، والمياومين في شركة كهرباء لبنان، وكذلك اقرار قانون الإيجارات والملاّكين القدامى.

اما المسألة الاشد خطورة في كل ما سبق، فكان موضوع خصخصة الكهرباء، الذي طفا فجأة على السطح، والذي صدق عليه المجلس في 10 نيسان، مجيزاً بصورة موقتة، منح اذونات تراخيص لانتاج الكهرباء بقرار من مجلس الوزراء.
في الختام، وبدل من ان يقوم مجلس النواب باقرار قوانين تخدم حقوق المواطن/ة وقضية بناء الدولة، تم ترحيل مشروع السلسلة وسط انقسام سياسي حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الاساسية، حتى بدء العهد الجديد وبعد انجلاء معركة الرئاسة.